أماني الشعلان.. صاحبة أجمل ابتسامة في تويتر

هل شاهدتم عداء يفوز ويتوشح بالذهب، وهو مستلق على الأريكة. الوجع ضريبة النجاح.

شاهدت وقرأت وسمعت عن الكثير من الأشخاص الملهمين والمأهولين بالأمل رغم التحديات، التي تواجههم والظروف الصعبة، التي يرزحون تحت وطأتها، لكن تظل أماني الشعلان العنزي مختلفة عن البقية.

صافحت أماني لأول مرة في موقع التدوين المصغر، تويتر. شاهدت تغريدات جميلة لها دفعتني؛ للاطلاع على سيرتها المقتضبة تحت اسمها ومعرفها في الموقع الشهير. عرفت أماني عن نفسها بأنها مصابة بالسرطان ومتفائلة كقوس مطر يزين الأرض بعد بكائه بساعات. حرصتُ على متابعتها بعد أن ارتطمت بنبأ إصابتها بهذا المرض الشرس؛ لأتعلم منها كيف أتغلب على أحزاني. لم تخيب أماني ظني أبدا. وجدتها مؤمنة بقضاء الله وقدره، وطموحة لا تسمح لأي عقبة بأن تقف في طريق أحلامها.

تكتب عن مواعيدها وعملياتها وجلسات علاجها المكثفة كأنها تكتب عن نزهة مع صديقاتها. تختتم كل تغريدة بوردة أو ابتسامة. ترد على متابعيها في تويتر بسعادة لا يجيدها سوى الخالين من الألم.

تعاني أماني، الصغيرة سنا، المولودة عام 1994، الكبيرة أملا، من أمراض متفرقة في القلب، والغدة الدرقية، والسرطان، والأعصاب، والضغط، والقولون، لكنها تملأ من يقرأها فرحا هائلا. تضع السعادة على ظهر أصابعها وتوزعها علينا في تويتر بسخاء لا مثيل له.

مرض واحد من أمراض أماني، شفاها الله وعافاها، كفيل بأن يطفئ مصباح الطموح، في قلب أي شخص فارغ من الإيمان. بيد أن أماني تزخر بالأحلام ما صغر منها وما كبر. تدرس في جامعة الملك سعود، وتخطط للمستقبل بحماسة كبيرة.

كلما رأيت أماني تكتب بهذه المحبة، وتقبل على الحياة بهذه الشراهة رغم معاناتها وآلامها تذكرت أن السعادة لا تصنعها الظروف، التي نعيشها بل تنبع من إحساسنا الداخلي. فكلما كنا مؤمنين بالله، أضأنا وتوهجنا وابتهجنا.

لا تفتعل أماني تفاعلها الجميل في تويتر. تقول: ”سعيدة يا عبد الله بهذا البلاء. سعيدة أكثر مما تخيل. لقد اصطفاني الله من بين الجميع. إنها نعمة عظيمة”.

تستشهد دائما بقول الرسول – عليه الصلاة والسلام – لأم السائب ”لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد”.

إن أكبر هم يقض مضجع أماني ليس آلامها وأدويتها وعملياتها، التي تحاصرها ريب المنون، وإنما الإرهاق والتعب والحزن الذي يكسو ملامح أسرتها.

تكافح أماني حزن أسرتها بالصبر والاحتساب ومقاومة الألم؛ لتواصل تألقها وتتابع دراستها بتفوق يسعد محيطها ومحبيها.

دفع اهتمام ممرضة ألمانية بأماني أثناء إقامتها في مستشفى ألماني للعلاج لتعلم اللغة الألمانية. كانت تحس بألم شديد إثر عدم قدرتها على التعبير والتواصل مع الممرضة ألين، أكبر من الألم الناتج من العلاجات الكيمائية التي تخضع لها. تقول: ”لا أحب أن أكون ضعيفة، وربي أكرمنا بنعمة العقل”.

ترى أماني أن ابتسامتها، سواء التي تسكبها في تويتر أو التي ترسمها على وجهها، كانت سببا في تحسن صحتها وتجاوزها لبعض المحن بعد توفيق الله- سبحانه وتعالى. كتبت حينما شفيت من التهاب الأعصاب، وأصبحت قادرة على السير مجددا: ”أتراقص فرحا لأني عدتُ كالحمامة أطير… خذوا مني الكرسي، أصبحت على قدمي أسير”.

تعلمت من أماني أشياء كثيرة. كثيرة جدا. أولها ألا أجعل الآلام تخطف حياتي وتمنعني من العمل والفرح، بل تزيدني إصرارا على المضي قدما. فهذه الآلام ستمنحني قدرة إضافية على تجاوز الصعاب ببسالة وشجاعة. إن الكثير ممن لم يتمكنوا من اللحاق بأحلامهم لم ينجحوا، لأنهم لم يتمتعوا باللياقة المطلوبة التي تتطلب الكثير من التدريب والآلام. العداء العظيم هو صاحب اللياقة العالية الذي يركض غير مكترث بالألم والتعب والإرهاق. هل شاهدتم عداء يفوز ويتوشح بالذهب، وهو مستلق على الأريكة. الوجع ضريبة النجاح. إذاً علينا أن نتوشح بابتسامتنا ونواجه آلامنا لننال آمالنا وأمنياتنا.

الكاتب عبدالله المغلوث
المصدر مدونة عبدالله المغلوث
http://almaghlooth.com/?p=434#more-434

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً