فلنتأمل ونتعلم

شعر محمد بأن مصاعب الحياة هذه المرة مختلفة وثقيلة لكثرة الحواجز وتعذر وجود حلول أخرى لتجاوزها،فأصبح يائساً ومحبطاً وشعر بالعتمة والإنطفاء والأختناق، فقرر أن يذهب إلى مزرعة جده المهجورة على وادي حنيفة كي يشم هواء عليل وحينما أقترب من مزرعتهم رأى بعض الناس قد خرجوا للنزهة في ممر وادي حنيفة بالقرب من الشجيرات في الأماكن المخصصة لذلك

وواصل سيره بسيارته حتى وصل هناك لمزرعة جده ودخل بسيارته مع البوابة فلفت نظره عدم وجود صوت للنخل أو حفيف للجريد لأنه مهمل فقد كان يرعاه جده وكان نضراً ومخضراً وكان للنخل غناء وصوته كالصرير في الصباح الباكر وعند الغروب وكأنه تسبيح لله، ولكن الآن النخل قد أصبح عيادين ذاويه وبعدما مشى بالقرب من الجابية لفت نظره شجرة السدرة مخضرة ومثمرة بالنبق ” العبري ” وتذكر قول جده بأنه قد زرعها كبذرة حينما كان شاباً حتى نمت وترعرعت وأثمرت ولكن من بعد جده لم يعرف أحداً قيمتها شأنها شأن المزرعة والمنزل من خلف السور، لأنه هو وأخوته قد أهملوا المزرعة وانشغلوا بدراساتهم وأعمالهم ، فظلت شجرة السدر حية صامدة برغم موت النباتات والأشجار الأخرى التي من حولها  وأمام عوامل التعرية من رياح ومطر وصيف وبرد ووحدة بقيت هذه الشجرة وفية ولديها الأمل والتفاؤل تنمو وتثمر لعقود وتستظل بها الطيور والحيوانات والنحل والفراشات، وقرر محمد بأن يتعلم من هذه الشجرة التمسك بالحياة والصمود حيث لم تيأس و تستلم للوحدة ولم تقهرها المصاعب والظروف، بل كان صمودها سبباً في حيوات المخلوقات الأخرى.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …