قراءة في رواية الصدمة لياسمينة خضرا

تعتبر رواية الصدمة لياسمينة خضرا وهو الاسم المستعار للكاتب الجزائري محمد مولسهول من أجمل الروايات  التي قد قرأتها لهذا الكاتب الجزائري الفذ الذي ترجمت رواياته إلى أكثر من أربعين لغة وقد عمل منها أفلام وخاصة في السينما الأمريكية فهذه الرواية توضح ما يجري من صراع على الأرض ما بين الفلسطينيين واليهود في تصعيد فلسطيني عن طريق الإرهاب من خلال التفجير والعمليات الإرهابية والتي أغلب ضحاياها من المدنيين ما بين قتيل وجريح حيث استهل الراوي في بداية روايته بالنهاية المؤلمة بالانفجار حينما أراد الوصول إلى الشيخ قائد الأصوليين ليعرف منه الدكتور أمين كيف جندوا زوجته سهام وقد أصيب أمين في هذا الانفجار نتيجة قذيفة سقطت في المكان وقذف به من شدة الانفجار ليحلق وليسقط أرضاً وقد احترفت سيارة الشيخ وحاولوا أتباعه الذين يحمونه أن ينقذونه من سيارته المحترقة التي كانت مصفحة ونجحوا في استخراج جثته وينقذونه من أتون الجحيم وقد وصف الكاتب لحظات الانفجار والمصابين ومن قد قضى نحبه حتى جاءت سيارة إسعاف  وتم حمل أمين ورميه وسط الجثث بسيارة الإسعاف وهو يدعو الله بأنه إذا كان كابوساً مروعاً فأيقظني منه وعلى الفور وبعدما وصل الاسعاف إلى باحة المستشفى شعر بالمسعفين ينهضونه ويضعونه على نقالة في أحد الأروقة ويشعر بهرولة الممرضات ويدعونه وحيداً وهو الدكتور ولا يأتي أحدهم نحوه للاهتمام به ويستغرب لماذا ينظرون إليه ويتركونه ويشعر بأن أجساد مصفوفة إلى يمين جسده ويسراه وبعدها جاء رجل عجوز أغمض عينيه ولم يستطع فتحهما حينها أدرك بأن كل شيء قدد انتهى ولم يعد موجوداً ورأى ضوء وهو كطفل يجري ويلعب في حقول ممتدة فوق السهول وسط قهفهات أقرانه الذين ماتوا من قبله وبصحبة أبيه ،ثم يبدأ بعد ذلك بسرد قصة الرواية من البداية وقد كان دكتوراً في المستشفى مع زملاؤه الدكاترة اليهود ومباشرة الحالات الحرجة في الإسعاف ثم يحدث انفجار ويرون دخانه من بعيد من خلال واجهة المستشفى الزجاجية وتبين لهم بأنه قد حدث في مطعم بعملية انتحارية ثم تبدأ جثث المصابين والقتلى تتوافد عليهم في سيارات الإسعاف ويبدأ الدكتور أمين وزملاؤه الإسرائيليين بمباشرة حالات الضحايا ويقومون بعلميات كثيرة لمعالجة المصابين وأحياناً تتم بتر الأعضاء التالفة ولذلك قد أبلى الدكتور أمين مع المجموعة من الدكاترة والممرضات والممرضين بلاء جيداً وقد شهد له المنصفين من الإسرائيليين بأنه طبيب ماهر لدرجة أن مديره عزر ابن حايمن رئيسه في قسم المستشفى كان يدعمه ويشجعه ويثني عليه ضد بعض الدكاترة الإسرائيليين لأن أصله عربي بسبب عنصريتهم برغم أن الدكتور أمين يحمل الجنسية الإسرائيلية حيث كان يشعر بأن أي نجاحات يحققها في دراسته أو في عمله بالمستشفى يعتبرها هؤلاء انتهاكا لمقامهم الرفيع وكما كانت الدكتورة كيم الإسرائيلية تعامله كصديق و بلطف وكإنسان وليس كعربي فلسطيني حيث درست معه في الجامعة ولذلك بعد الانفجار في المطعم أستنفر الجيش الإسرائيلي والمخابرات لمعرفة تفاصيل عن منفد العملية الانتحارية وبعد ظهور نتائج التحقيقات تم إحضار الجثة لمنفذة العملية وكانت مشوهة وحين دعي الدكتور أمين لمعاينة الجثة عرفها من وجهها وشعر بالصدمة وأخذت الأرض تتداعى من تحته وكاد أن يسقط على الأرض من الذهول لولا أن بعض زملاؤه  أسندوه من الخلف وأخذوا يخففون عنه هول الصدمة وكانوا يسألونه بعض المحققين وكان جوابه بأنه لا يعلم عن ذلك وشعر بالغضب واغرورقت عيناه بالدموع وكيف لم ينتبه لزوجته التي يحبها وهي تحبه كيف سمحت لنفسها بان تفعل ذلك وبدون أن تخبره وكيف لم يلحظ في عينيها أو أفعالها على ما يدل على ذلك وبعدما انتشر خبر ذلك في الأعلام المقروء والمرأي بأن زوجة الدكتور سهام هي منفذة العملية الانتحارية أصبح زملاؤه الدكاترة الإسرائيليين والذين كانوا في دفعته  بالجامعة ومعه في المستشفى يشمتون به ولا يريدونه في المستشفى ووقعوا عريضة بذلك فقرر الدكتور أمين ترك المستشفى ليبحث عن نفسه والحقيقة في آخر الأماكن والأشخاص الذين قد زارتهم زوجته سهام قبل تنفيذ العملية ومن قام بغسل مخها لأنها تركته معذباً بهذا الألم الفظيع الذي يشعر به كل يوم وكل لحظة ويتساءل ويقول لماذا يدفع ثمن هذا الصراع الناس البسطاء ومن هم في سدة القيادة لهذه المنظمات الإرهابية أبناؤهم لا يشعرون بذلك لأنهم في الخارج يتعلمون ويعيشون في بحبوحة من العيش ولا يعانون عند نقاط الحواجز والتفتيش وهل النضال الفلسطيني يكون بهذه الطريقة البائسة ولماذا لا يكون بالمفاوضات ما دمنا متعايشين مع اليهود وعلى أرض واحدة وقد استطاع الراوي ياسمينة خضرا أن يرسم لوحة مؤلمة للمشهد عما يجري من صراع وقتل ورعب وعنصرية وكراهية يؤججه المتطرفون من الجانبين في رواية جميلة وسرد شيق بأدق التفاصيل لذلك أنصح بقراءتها .

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …