لقاء في المقهى

نوره قبل خروجها في الصباح الباكر للعمل في الجامعة

وقفت أمام المرآة لتضع اللمسات الأخيرة من الميكاب على وجهها والكحل في عينيها على عجل

تنتظرها صديقتها مشاعل رفيقة دربها أسفل في السيارة مع السائق عند باب الفله لتذهبا للعمل لأجل أن تكونا معاً لأن سيارة سائقها قد تعطلت

لذلك يجب أن لا تتأخر ولكن ستذهبان أولاً لأخذ قهوة من المقهى القريب من عملهما

و ربما إفطار خفيف من شطيرة الكرواسون أو الكعك من هذا المقهى لتتناولاه في طريقهما ،ثم أخذت شهيقاً عميقاً و التقطت حقيبتها وخرجت من المنزل وركبت في سيارة صديقتها.

وأما فيصل هو أمام المرآة المستديرة في حمامه أخذ يحلق وجهه بالماكينة الكهربائية

ليهذب شاربه ولحيته ويسرح شعره ثم فرش أسنانه و نشف وجهه بالفوطة وخلع روب الحمام و ارتدى ثوبه الجديد

ولبس معطفه الأسود ولبس الغترة والعقال ثم لبس خاتمه العقيق

ثم رش عطره المفضل ولبس نظارته الشمسية

فهو تعود في خروجه بأن يكون بكامل أناقته ليتوجه لعمله

ولكنه فكر بأن يتوقف بالقرب من المقهى القريب

ليأخذ له فنجان قهوة إيطالية ليكون مزاجه عالياً.

وغادر غرفته وتوجه لسيارته ليشغل محركها للحظات

حتى تبدأ الحركة في ماتورها وتدفأ قليلاً وعدل غترته من خلال نظره في مرآة السيارة ثم ربط حزام الأمان ،وقرر التوجه للمقهى لاجل أن يحظى بكوب قهوة دافئ.

وعندما وصل بسيارته للمقهى ،أوقفها في المواقف ثم ترجل ودخل المقهى لأجل أن يأخذ طلبه على عجل لكي يذهب لعمله

فرأى فتاتين بالقرب من النادل حيث حضرتا من قبل

وواحدة تقول لصديقتها:”لقد تأخر علينا النادل بتجهيز الطلب.

فلو كنا في مطعم لما تأخر علينا الجرسون و لما أخذ كل هذا الوقت”

ثم قال في نفسه”هذه فتاة ليس لديها صبر وأعتقد بأنها مغرورة بنفسها كثيراً وأنا أمقت المغرورات

هنا انتبهت له وهو ينظر إليها وابتسمت

فقال لها ممازحاً: “ لقد أخرتيني عن عملي بسبب طلبك”

لمعت نظرة مرحة في عينيها و ردت :

-هذا عاد حظك فأصبر أنا طلبي عشرون كوب قهوة لي ولصديقاتي وعليك بأن تنتظر؟؟

فقال : ماذا عشرون كوب ؟!!!

_ وأنت كم طلبك ؟!

_ كوب واحد!

_ فقط كوب واحد فقط وابتسمت؟؟!

وهنا نادى النادل بأعلى صوته بتململ وقال : دورك سيدتي فإما أن تتقدمي لتأخذي طلبك أو تفسحي المجال لمن تعطلينهم وراءك!!

ابتسمت في إحراج و تقدمت هي ليستلموا طلبهم الذي كان عبارة كوبين قهوة وليست كما قالت عشرين كوب فأسرعت هي وصديقتها في المشي للخروج من المقهى وصديقتها تضحك ،ثم أخذ طلبه ونظر للساعة ووجد أنه قد تأخر عن العمل قليلاً ،على كل حال هي غادرت من المقهى ومن يومها و هو زبون دائم يتردد صباحاً على هذا المقهى لعله أن يراها مرة أخرى، وأحياناً يأتي إليه مساء ليقرأ ويكتب فيه لأنه مقهى هادئ جداً به ديكور رائع وله فيه ذكريات جميلة ودافئة، كلما تذكر تلك الفتاة.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …