بلاء أهون من بلاء

ذهبت للمحكمة وكانت تحاول الحصول على ورقة الطلاق من زوجها الذي تركها وترك عيالها في مهب الريح برقبتها بدون نفقة، لقد رحمها الله بأن لديها شهادة جامعية ، كما أنها كانت لديها روحُ جميلة حيث تمتلك حس الدعابة ولكنها في المحكمة كانت منكسرة أمام القاضي لكنها لازالت عفوية وصادقة ونشمية

سيدة تحمل الكثير من الهموم ،سأتكلم من خلال هذه الحروف هنا عن تلك السيدة العصامية لعلني أن استطيع أصف بعضاً من آهاتها كصرخة تسمع أو عبرة تذرف هي تزوجت ذلك الرجل عن حب وكان لديها الطموح بأن تكمل دراستها الجامعية فكان طموحها زوجاً محباً وكريماً وحنوناً ويسمح لها بإكمال دراستها فقط هذا كانت ماتريد ثم بدأت تلاحظ بعد فترة بأن الرجل قد أخذ يسهر ولا يأتي إلا في وقت متأخر وهو يترنح من الشراب وتسبب ذلك في أن يحرم من عمله ويفقد عدة فرص في حياته العملية لو استمر في واحدة منها لأصبح عظيم الشأن، ولأن والده هو الذي كان يفتح له الباب الخارجي بنفسه لعله يخجل لأنه يتعمد بأن يغلقه بالمزلاج من الداخل وصار ينتظره في الفترة الأخيرة و بعدما تمادى في عدم احترام البيت و من فيه، صار الأب يمنعه من دخول البيت وهو في هذه الحالة،ثم أخذت زوجته تمارس معه لعبة من الأقوى هنا ؟!

ثم أخذت تضع احتياجاته في آخر شيء، لأنه لم يعد يحترم وجودها كزوجة لذلك أصبحت متطلباته الزوجية عبئاً ثقيلاً تحاول الهروب منه برغم أنها تشفق عليه أحياناً

كان ينعتها بالفتاة المدللة رغم بعد الدلال عن نشأتها!!

وكان لديها أمل في داخلها وتقول ربما إذا أنجبت أطفالا سوف يتغير للأفضل

أنجبت الطفل الأول وياسعادتهم بما رزقوا به ، ثم الآخر وبعد ذلك تغيرت الظروف للأسوء و كثرت المشاكل

أصبح قليل التواجد في المنزل وكثير التجني عليها ، وبل أصبح يضع الخطأ عليها كثيرا ًولا يلبي متطلبات الحياة البسيطة وكان متكلاً على أهله في هذا الشأن حيث كان يسكن معهم، ثم شعرت هي بأنه قد أصبح وحشاً بعد أن كان حملاً وديعاً ،مع هذه المتغيرات في حياتهما الزوجية أصبح العناد حاضراً ما بين من الطرفين وهو السمة الغالبة، بدأ في تعاطي الحشيش والمخدرات بالإضافة للشراب، و كثر شكه بزوجته حتى من نافذة تفتحها ،تطاولت يده عليها وقبلها لسانه ، حيث أخذ يفتش في دولابها إذا ذهبت لأهلها أو في شنطتها إذا كانت في الدور الأرضي تحت مع أهله ليبحث عن ذهب أو مال ؟؟إلى إن اكتشفت بأنه مدمن وخطر عليها وعلى أولادها حاولت الإصلاح مراراً وتكرارا من غير فائدة ترجى ثم ثقل حملها ولكنها صبرت لتجمع الابناء مع والديهم لم يكتفِ بذلك الى ان جاء يوم رمى الطلاق عليها لمجرد أن وجدها تنظف مجلس أمه وأخيه متواجداً بالصالة مع أمه ؟؟ حمدت ربها وفضلت أن تعيش لأبنائها بعيداً عنه وقريباً منه،لم يعجبه ذلك فرمى الطلاق مرة اخرى هنا استخارت واتصلت بإخوتها وجاؤوا على عجل فهربت من بيتها حاضنة أطفالها متخلية عن كل شيء انتقلت الى بيت أهلها وكانت جنة رغم مافيه من مشاكل، إلا إنه في ذلك الوقت رحمة ، بحثت عن عمل تعيل به نفسها واطفالها وتبعد عن شر الحاجة حتى لأخوالهم، إلى أن وجدت عملاً شريفاً وهو في دار الرعاية للإحتياجات الخاصة بمرتب لا يتساوى مع شهادتها الجامعية، لكن لكيلا لا تشعر بأنها حمل ثقيل عليهم ،وخلال تلك الأيام العصيبة من وجدت بجانبها ؟؟ لا أحد لاأحد بالمعنى الحرفي لها

وأما طليقها فهو لازال غارقاً في تعاطي السموم الذي يتناولها وبالأصحاب الخالين من الشرف , إلى أن تطاول بفحشه بأن تجرأ هو ومن معه على طليقته بالمكالمات وبإرسال أقبح الشتائم

ولقد كانت تشعر بالتعب والعناء بعد أن وجدت عملاً يستر حاجتها ولكن الفاجعة بعد الشهر الأول خرت واقعة من غير قوى ،نعم أعياها تعب شديد ولقد أخذ منها كل مأخذ وبعد الكشف الطبي تبين بأن لديها سرطاناً، لقد فقدت صحتها التي كانت ورقتها الرابحة , وكان العلاج بالكيماوي ،لقد استعانت بخالقها وأعانها ولقد كان يساعدها أخواتها وبعض إخوانها وأهل الخير،

كانوا عونها بعد ربها أو كانوا الأقرب ، خارت قواها وكثرت مسؤولياتها، في ذلك الوقت اشترت شقه لها ولأولادها بمساعدة أهل الخير وجلست حوالي سبع سنوات وهي كانت معلقة بخيط يخنقها صباحا ومساءً ذلك الوحش الذي لايملك شيمة الرجال ولقد حاولت من قبل يميناً ويساراً مع أهله و مع أهلها إلا أن الكل أجمعوا أن يخنقوها بذلك الخيط ، حتى أصبح المرض ينهكها في فراشها والدمع قوتها والذكريات رعبها حتى جاءها الفرج بأن حكمت المحكمة بخلع زوجها وجاءت تأخذ ورقتها من المحكمة بعد أن أوقفت المحكمة خدمات طليقها، ولقد حاولت مراراً معه قبل الطلاق بأن يعالج عن إدمانه و أنها ستقف معه حتى يشفى إما كان لأجلهما فهو لأجل أولادهم ولكنه كان يرفض ذلك ، فقالت في نفسها الحمد لله على كل حال فالمرض أهون علي من زوج بهذه الحالة، فعاشت مع أولادها وربتهم حتى كبروا ودخلوا الجامعة ومع مرور الوقت تغلبت على مرض السرطان بإيمانها وقوة إرادتها.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …