لقد تأخرت و لابد من السفر!

هي فتاة في العشرينات من عمرها قد فقدت والدها في سن مبكرة ،ثم عاشت في كنف والدتها حتى تخرجت من الثانوية بعدها توفت والدتها وحزنت عليها حزناً شديداً وصارت تعيش في بيت والدها وحيدة بجانب بيوت إخوانها ولايوجد معها إلا خادمتها وسائقها ولكن أخاها يأتي ليطل عليها بين فترة وأخرى ويطئمن عليها ويرى ماذا تحتاج ،وأغلب وقتها إما في المنزل أو في الحديقة التي في الاستراحة التي في البيت أو في المطبخ أو مشغولة في دراستها الجامعية و غالبية الوقت تشعر بالوحدة وخاصة حينما توفيت والدتها حيث كانت تؤنس وحدتها لذلك أحياناً تحب أن تسافر لكي تغسل همومها وأحزانها ،وتنسى قليلا ذكرى والديها فإذا أرادت تسافر تبحث في اللابتوب وتدرس أفضل العروض عن الرحلات،فقد قررت أن تزور دولة المالديف وكانت تتمنى أن والدها ووالدتها يكونون معها ولكنها الآن ستسافر مع أخيها، وحينما كانت في الطائرة كانت فرحتها كبيرة جداً لأنها قررت أن تذهب لبهجتها بنفسها،ولكي ترى العالم الخارجي دون انتظار البهجة من أحد، ثم تذكرت وضحكت بهيستريا وهي تفكر فيمن يعرفنها وكيف أن علاقة غالبيتهن معها للمصلحة ،حيث هن من كن يأخذن ، و لم تأخذ من إحداهن شيئًا أي شيء! ولم تصف لها من هؤلاء الصديقات إلا صديقة واحدة لأنها معها دائماً على الحلوة والمرة ،إذا هي عرفت كيف تسعد نفسها وليست تعيسة كما كانت تتخيل، فلقد عرفت أن سعادتها بالقرب من الله ثم أن تكون لديها ثقة في نفسها وأن السعادة يجب أن تنبع من داخلها وأن عليها أن تضع لها هدفاً في الحياة لكي تصل إليه لكي تشغل نفسها فيما يفيدها ،لذلك فإن لديها الكثير لتفعله وتستمتع به، وقد قررت الاستمتاع بحياتها من خلال هذه الخطة التي قد وضعتها، كل هذه الأفكار كانت تدورفي تفكيرها وهي تمشي على البحر ،ولذلك قد قررت بأن تزور دولة جديدة كل عام لتتعرف على عادات وتفكير و ثقافة البشر الآخرين وترى وتسمع وتستمتع بأنغام موسيقاهم وتأكل من طعامهم المختلف، وتنظر للغرباء على المقاهي ولقد كانت تقول لنفسها أين أنا عن ذلك منذ زمن، وتتعجب من تقوقعها كل تلك السنوات داخل صدفة أحزانها، ولكنها قررت حينما يشتد بها الهموم والوحدة أكثر،بأن تقولها لنفسها بصوتِ عال “لقد تأخرت كثيراً و لابد من السفر”.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …