شموخ الخريف

أنا لن أتكلم عن المطر في الربيع والشتاء،فهذه فصول أعشقها ولكني سأكتب عن فصل الخريف الذي لم أعطه حقه لإنه قد وصفه غالبية الناس بأنه يعني الموت ،حيث وصفه الشعراء والأدباء بفصل الشيخوخة والوداع والنهاية برغم إيجابياته،فالخريف يعجبني في شموخه حينما تذهب أوراق الشجر مع الرياح في مشاوير التيه حيث تكثر الرياح فيه، لأن الجو يميل إلى الاعتدال في معظم الوقت، وتتخلّله بعض موجات الحر، وبعض النسمات الباردة، خصوصاً في ساعات الليل وفي ساعات الصباح الباكر، وخاصة بأن ساعات الليل فيه أطول من النهار ، أي إنّه يمتلك طقساً متنوعاً متقلّباً نوعاً ما،بحيث يجتمع فيه جميع أجواء الفصول الثلاثة الأخرى وتكون في فصل واحد، لذلك تهاجر فيه الطيور إلى بلادٍ بعيدةٍ هرباً لعلمها بأن البرد القادم.وهو تنبيه لبعض الحيوانات للاستعداد بالدخول في مرحلة البيات الشتوي، والاختباء في الجحور والأوكار والبيوت الخاصّة بها، مثل الأفاعي والقوارض وغيرها من الحيوانات ذوات الدم البارد،ويعجبني الخريف بأن له لوناً واحداً ولا يتلون وينافق بتلاوين الأقنعة من أوراق خضراء وبرتقاليه وحمراء ووردية، وأعشق الخريف حينما يفضح الشجر ويعريها لإنها قد تخلت عن الأوراق بعدما أعطتها الزهر والثمر، ولكنه يعطيها الأمل ، ليأتي لكي يكون سبباً في تجدد الأشجار في الربيع، فالخريف ليس فقط باعثاً على الحزن واليأس ، ويعجبني الخريف بأن أوراقه حينما تتساقط من الشجر تعود لتكون غذاء كسماد للشجر، برغم تخلي الشجر عنها ويعجبني بتضحيته بأوراقه وصومه وصبره حتى تتنزل السماء بالمطر لتروي بها الشجر، ويعجبني الخريف بأن أوراقه كثيرة الترحال مع الرياح لتمر بالقرب من الأشجار الأخرى والنباتات ومساكن الغرباء والعشاق.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …