قراءة في رواية العربانة

هذه رواية للكاتب البحريني ماهر عبّاس وهو من الروائيين الشباب ولقد تفاجأت عند قراءتها بأنها عمل جميل، رواية قد نسجت خيوط حبكتها وكأنها قصة واقعية قصة كفاح الشاب “عباس” وتمرده على واقعه الصعب وقرار خوضه غمار المجهول فعباس لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما يقال.. لا بل ولد من رحم المعانة..  كان رجلا يافعا بقالب طفل صغير لم يحمل بين يده لعبة يلهو بها بل حمل بين يده فولاذا يطلق عليه العربانة وضع بها أحلامه آماله أوجاعه مسؤوليته وسار بها على أرض مليئة بالأشواك كبر قبل أوانه وتجرع الألم والفقد والخيانة والحرمان صنع قصرا على الرمال وتحول إلى امبراطورية جذورها راسخة في أرض البحرين بأسواقها وشوارعها وامتدت إلى أن تطأ أرض السعودية بمدنها وأحياءها ولم تكتفي بذلك بل وصلت تلك الجذور إلى اليمن ومن ثم استقرت بأرض الصين.. حقق نجاحا مبهرا وكانت الحياة أكبر مدرسة تخرج منها.. يمتلك قلبا رحيما وشخصية مقربة لمن عرفه صنع من الألم أملا ومن المستحيل واقعا.. ولكن هناك من سرق جهده وتعبه وألبسه ثوب الشقاء توالت عليه الصدمات من كل حدب وصب بل تسلل الوهن إلى جسده اغلقت الحياة أبوابها في وجهه انحنى ظهره وانكسر وهو في ريعان شبابه ورغم كل ما حدث لاح له في الأفق شعاعا أضاء سماه وأعاد الأمل بعد انكساره.

 علمتني تلك الرواية بأن لا أرضخ لظروف الحياة وإن الإصرار يصنع المعجزات والثقة لا تمنح لأي من كان وعند المحن تعرف معادن الناس.. وأن النجاح لن يتم دون أن المرور بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات فليس العيب في أن تسقط بل العيب في ألا تستطيع النهوض مرة أخرى وأن الحياة مهما قست علينا سيتحقق ما نحلم به يوما هذا رأيي الخاص عن الرواية قد لا يوافقني أحد فيه وقد لا تعجبه الرواية لكثرة المعاناة بها ولكنها راقت لي بكامل أحداثها وبسردها وتفاصيلها.

      بقلم / سميرة عبد الهادي

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …