محطة انتظار

جلست على مقعدها في القطار تنتظر بدء رحلتها.. استندت على الكرسي وبشغف أغمضت عينيها على أمل أن تسمع صافرة الانطلاق لعلها تهرب من عالمها إلى عالم آخر.. لم تكن تركب قطارا يسير على فولاذ!!! بل كانت تحلق عاليا، تعانق الغيوم، وتداعب نسمات الهواء شعرها المنسدلة وكأنها فراشة بأجنحة ذهبية ولكنها شعرت بقطرات تبلل خديها وتسيل عليه!! نعم كانت دموعها تسيل على وجنتيها وكان قلبها يعتصر ألما، فما كانا منها إلا أن ضمت أضلعها بيديها وكأنها تحاول إنعاش قلبها لعله ينبض مرة أخرى وتعيد له الحياة.. صرخة من شدة الألم، فما كان منها إلا أن وضعت يدها على فمها ليس خوفا!! بل لأنها لا تريد أحدا أن يسمع ما بداخلها ثم تنهدت قليلا ووضعت جسدها المنهك على ظهر الكرسي، فجأة !!سمعت صوتا يقول لها بهمس هل أنت بخير؟؟ توقف الزمن في تلك اللحظة وتسارعت أنفاسها ثم اختلست النظر للخلف، فإذا بشخص يستند بجسده على نفس الكرسي الذي هي عليه.. قال لها إذا أردتِ البكاء فلك ذلك وإذا أردتِ أن تصرخي بصوت عال فلكِ ذلك وإذا أردتِ الصمت لن أكسره لك ولكن ثقي أنا هنا بجانبك لا تخشي شيئا، أصبح الصمت سيد المكان وقليلا قليلا انكسر جدار الصمت، تبادلا أطراف الحديث كان مزيجا من الفرح والألم والحزن والتعب والخوف.. رغم أنه لم يتحدث عن نفسه إلا قليلا.. كان منصتا لها.. كانت تارة تبتسم وتارة تبكي وبينما هما يتحدثان سمعا صوتا يردد ألغيت الرحلة؟؟ بسبب عطل في القطار وأمر الجميع بالمغادرة، فتح الباب وتحركت معه نظراتهما معا غادرا ولم ينظرا لبعضهما البعض ولم يعرف أحدهما الآخر، كان اللقاء قصيرا ولكن ما دار بينهما من حديث لن ينسى للأبد، افترقا وعاد كل واحد منهما إلى عالمه.. كانا عالمين؛ يفصل بينهما سكة قطار …    

بقلم

سميرة عبد الهادي

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …