لحظات عند الوداع

في صالة الرحلات الدولية للمغادرين أصرت على مرافقته للمطار لأجل أن تودعه والدموع في عينيه والحشرجة في صوته أماهي فقد كانتُ تبكي حينما كانت تحتضنه في لحظات الوداع في صالة المطار ثم دعت له بالوصول بالسلامة ،وهو قال لها انتبهي لنفسك فأنا لن أنساك، ثم بدأ ينادى في المطار عن موعد رحلته فودعها وحمل حقيبته اليدوية،وبدأ في وضع حقائبه على السير المعد ،لذلك لكي يتم الفحص و الشحن ،وقد كان يلتفت لها بين حين وآخر وعينيه لا تغيب عنها،وأما هي فقد كان لايغيب عن عينيها لحظة واحدة، فلم تذهب وظلت تنظر إليه من وراء نظاراتها الشمسية لكي تخفي دموعها ، وهي تلوح بيدها ببطء وكأن يدها متعبة أو حائرة حيث بدت مثقلة بحزن أنهكها، لم تكن إشارات عادية،حرك يده عن غير قصدٍ، أو ربما حركها لكي يردّ تحية الوداع،يده أيضاً كانت مثقلة، فقد كان يشعر بأن أنفاسه متعبة من رائحة الوداع الخانقة ،وكأنما خطَفَـت أنفاسه ،وكأن روحه اِنْتُـشِلَت من جسده وخاصة حينما رأى عينيها الذارفة بالدموع، وكانت تجففها بالمنديل ووجها الذي كانت تعلوه حمرة طبيعية وخجل كشمسٍ عند لحظة الغروب،

وعندما دخل الطائرة وأخذ مكانه في كرسي الطائرة المطل على النافذه والقريب من زجاج صالة المطار بدأت الطائرة تستعد وبدأ كابتن الطائرة في التحدث وبدأ المضيفات يتكلمن عن إجراءات السلامة ،ثم بدأت المحركات النفاثة بعزفها السّريع، نظر إليها من نافذته على زجاج صالة المطار وهي لازالت هناك تنظر للطائرة من زجاج صالة المطار، غير مصدقة لحظات الفراق، وأما هو فقد كان يشعر بالفقد وأن قلبه يتألم بذلك، و يشعر بالوحدة في الطائرة وأحمرت عيناه من الدموع، وبقي يسأل نفسه ويقول :هل كانت دموعي لأنها إشتياقُ للوطن، أم لأنها حنّت لمن هي في القلب وودعتها العين في المطار، أم أن سوط القدر أقوى من الإنسان، أم لأن موسم الفراق والرحيل قد حان؟!!!

فقد قال في نفسه: لا أعلم لماذا العين دوماً تصدق قلبي فتستسلم له، لماذا لا يكون هناك أمل بأن بعد الوداع والفراق لقاء ولكن العينُ قالت قد صَدق القلب في أمر الفراق الأبدي ولن يُكتبُ لنا لقاء آخر،لأن مشاعر القلب صادقة.

سلمان محمد البحيري 

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …