هل كان أحداً يخيف الخيل أو يؤذيها؟!

في يوم الجمعة بعد صلاة العصر قرر فهد التوجه إلى مزرعته والتي تبعد عن الرياض حوالي80 كيلو حيث أمر عائلته بالاستعداد لذلك وأخذ معهم ما يلزم من الأغراض حيث من المحتمل المبيت هناك فوافقوا على ذلك بدون تردد أو مضض وخاصة الأطفال ،ثم ماهي إلا لحظات حتى لبسوا ملابسهم وحملوا أغراضهم في سيارتهم العائلية السوبربان السوداء والتي يقودها السائق ،وأما فهد فقد أراد أن يذهب للمزرعة بسيارته ثم مشوا جميعا في وقت واحد وكانوا خلف بعض في الطريق وبعد ساعة ونصف وصلوا إلى المزرعة وعندما أقبلوا عليها كان منظرها جميلاً حيث كان مدخلها فخماً على شكل دروازة ومناسباً مع سور المزرعة والذي قد صمم على التراث القديم، وعندما وصلوا للمنزل أدخلوا سياراتهم بداخل سور الفلة وأنزلوا أغراضهم التي قد أحضروها معهم، ثم ذهب فهد إلى المزرعة ليتفقدها وليرى ويطمئن على النخيل والأشجار والخضار، وماذا تم عمله في المزرعة خلال هذا الأسبوع، حيث كان فهد يذهب للمزرعة أسبوعياً ويتواصل مع رئيس العمال عن طريق الجوال عن مايتم عمله وماذا يحدث في المزرعة وماذا يحتاج العمال، ثم نظر فهد وقال لرئيس العمال عن مايتم عمله في المرحلة القادمة ونبهه إلى بعض القصور في العمل وقال: عندما آتي الأسبوع القادم أراكم قد تفاديتم ذلك ،ثم عرج فهد بطريقه إلى حظيرة البهايم وتفقد الأغنام والأبقار ثم مر على عشة الدجاج البلدي الجميل والتي كانت عشقاً لجدته الله يرحمها وأمه اللتان كانتا حريصتان عليها ولاحظ فهد اليوم بأنه منذ أن دخل بسيارته المزرعة وهو يسمع صهيل الخيل، وعندما جاء إلى الأصطبل جاءت له فرسه الجميلة الجازي تعدو وقبلها على جبينها وأخذ يمسح عليها وجاء له حصانه العاصي وفعل معه كذلك، ولكنه قد لاحظ على الفرس الجازي بأن شعرها الذي على رقبتها مجدول فنادى على سايس الخيل وقال له:لماذا تضفر شعر رقبة الجازي برغم أنه ليس بطويل فقال ياعم : أنا لم أضفره وأنا كل صباح عندما آتي للأسطبل أجده مضفراً وأفكه وعند المساء أحضر أحياناً لأني أسمع جلبة وأسمع صهيل الخيل وحينما أحضر وأتفقد بالكشاف العاصي والجازي أجد بأن الجازي مضفرة الشعر ياعمي ورائحة شعرها مسك ولا أعرف من يفعل ذلك ؟!!! فقال فهد في نفسه ربما أحد يريد سرقة الجازي ثم شكر السايس وقال له:انتبه للأسطبل وخل عينك مفتحة وخاصة على الجازي، ثم ذهب فهد وهو يفكر بعمق في مايحدث فقال في نفسه:

سأتحقق من ذلك بنفسي الليلة، وهو ماض في طريقه أخذ ينظر للمزرعة و يسمع صوت ماكينة البلاكستون وخرير الماء في البركة والهواء قد جعله يسمع أيضاً  حفيف النخل والشجر ويحرك أوراقها ويجعل جريدها يتمايل ، ثم مر فهد سيارته وأخذ منها مسدسه ودربيله الذي يتميز بأن يرى به في الليل أو العتمة ثم قال لأولاده لا تنتظروني على العشاء فأنا مع العمال، وعاد فهد وهو يقول في نفسه بأن هذه الجمعة أكثر صعوبة بالنسبة له لأنه قلق على فرسه الجازي، وانشغل باله عليها لأنها يحبها كثيراً لأنها غالية عليه ولن يسمح لأي شخص يحاول أن يسرقها أو يمسها بسوء،لذلك قلقه عليها جعله يعود ليكون في سكن العمال بالقرب من الأصطبل حيث النور هناك خافت ولذلك أخذ معه أيضا كشاف “مصباح “وبعد صلاة المغرب استقر هناك وأخذ يراقب الأسطبل ثم ذخر مسدسه وجعله جاهزاً لأي ظرف طارئ ثم نظر بالكشاف القوي نحو المزرعة ولم يرَ شيئاً غريباً والخيل حتى الآن هادئة ،وحين جاء وقت العشاء وبعدما صلى العشاء في مكانه وبعدها بفترة أخذ يراقب بالدربيل وقال في نفسه أنا مستعد أجلس هنا وأنتظر حتى الفجر لكي أعرف ماذا يحدث للجازي ثم بعدها بلحظات وفجأة سمع فهد جلبة في الأسطبل فنظر بالدربيل فرأى الجازي تعدو في الأسطبل سريعاً  وكأن فارساً يركبها وكان يسمع خطوات الجازي ثم نظر بالدربيل نحو باب الأسطبل فوجده مغلقاً و سور الأسطبل كذلك وأخذت الجازي تعدو حوالي نص ساعه تقريباً، ثم ذهب فهد سريعاً إلى الأصطبل وعندها توقفت الجازي عن الجري وتوقفت الجلبة، وكان فهد معه الكشاف بيد ومسدسه في يده الأخرى ولم يجد أحداً غريب وتفقد هل هناك أثار في الأصطبل ولم يجد أي أثر يلفت نظره، فدخل إلى الجازي مسرعاً ويتحسسها وينظر لها بالكشاف وقبلها على جبينها ونظر إلى شعرها فوجده مجدولاً أيضاً، ثم أخذ يمسح عليها ويكلمها وأخرج من جيبه مكعب سكر وأعطاه لها،ثم أطمأنت ونظر إلى جسمها وحوافرها من فوق وتحت ولم يلاحظ أي جرح على كاحلاها، ثم أطمئن فهد وقال الحمد لله أنها بخير وتبسم والإبتسامة تغمر محياه لأنها الفرس التي قد أخرجها من بطن أمها بيديه عند ولادتها ورعاها ورباها وهي مهرة، لذلك فهو يخاف عليها ويحبها ويعتبرها كابنته، وجلس عندها فترة طويله وهو يكلمها ولم يشعر بالوقت ونادى على السايس بأن ينادي العمال الآن لكي يغيروا القش بالأسطبل وقال للسايس فتح عينك من اليوم ورايح على الجازي وأسطبل الخيل عندما تصحو من النوم وحينما تريد النوم، فلو حدث لاشيء لاقدر الله للجازي فلن اسامحك وكلم رئيس العمال بأن ينبه حارس المزرعة ليكون معه الكلب في الحراسة الليلية ، ثم ذهب فهد متوجهاً للفلة التي في مرزعته وهو يشعر بالغبطة، لأن تلك الروح الخفية لم تكن سوى عاشقة لفرسه الجازي لتمتطيها لا لتؤذيها أو لتسرقها وإنما عشقاً لركوبها لأنها تقوم بتجديل ضفايرها و تعطيرها بالمسك، وقال في نفسه هذه الجنية التي قد عشقت الجازي وفتنت فيها و تحب أن تركبها ،إذا أنا لا أحد يلومني في حب الجازي حينما يسرقني الوقت حينما أكون عندها.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …