لم يخطر على بالي

لم يخطر على بالي بأني سوف أكون في يوم من الأيام من ضحايا كورونا، لأنني كنت متخذاً كل الاحتياطات اللازمة لذلك من تعقيم ولبس القفازات والكمامات و اعتزال التجمعات والنظافة الدائمة والتزم بالتعليمات التي تصدر من وزارة الصحة والداخلية في هذا الشأن، برغم عدم قناعتي به كمرض، لأني كنت أعتقد بأن كورونا فيروس بسيط مثله مثل الإنفلونزا، لذلك لاخطر منه فهو لايوازي جائحة الطاعون،ولكني في ذلك اليوم شعرت بصداع وحرارة شديدة ونزلة أنفلونزا وثقل في الجسم وقررت بسبب ذلك الذهاب لأسعاف المستشفى وحينما وصلت ودخلت مع الباب رأيت أشخاصاً مصابين بكورونا حسب ماتحدث به الأطباء بينهم وبين المرافقين لبعض المرضى  الذين قد أحضرتهم سيارات الإسعاف وآخرون قد حضروا بأنفسهم  أو برفقتهم أحد و بينما أنا أمشي في الممر للأسعاف شعرت بدوخة  ثم سقطت على الأرض وبعدها بفترة رأيت نفسي منوماً على السرير و أطباء متحلقين من حولي يرتدون ملابس بيضاء وكمامات  وقفازات  ونظارات  ففهمت بأنه حدث أمرُ ما لم أتوقعه،و بعد الكشف علي  والفحوصات قال لي احد الأطباء : أنت مصاب بالكورونا  فكن هادئاً ولاتقلق، فقلت في نفسي الحمد لله على كل حال ،ثم تمنيت في هذه اللحظة بأن أتمشى على قدمي في بعض الحدائق والمنتزهات أو أسافر بسيارتي داخل المملكة وأزور بعض المدن مثل الطائف و تبوك و أبها و الباحة أو جازان وأذهب لمكة لتأدية العمرة وأزور المدينة لكي أسلم على رسول الله وصاحبيه,وكنت تائهاً ومصدوماً بما حدث لي وأتساءل هل أصبت من داخل إسعاف المستشفى بسبب ورود حالات عليهم مصابين بالكورونا ولم يكن هناك التعقيم الكافي ، أم أني كنت مصاباً من قبل؟ ،ولكن كيف؟! أنا كنت ملتزماً بالتعليمات والنظافة والتعقيم ولم أختلط بأحد وكنت لا أخرج من البيت إلا قليلاً و للضرورة القصوى، لشراء بعض الأغراض من السوبر ماركت أو سوق الخضار ثم بعد فترة جاءت ممرضات ودفعوا سريري لمكان خاص بالحجر الصحي وحينما وصلت لمكان مثل الغرفة الكبيرة وضعوا سريري بالقرب من نافذة وكنت أنظر للشارع من خلال النافذة وكنت أتوق للحرية و أطمح للسير في الشارع كما كان ذلك قبل كورونا وكنت  هذه اللحظة أود محادثة الناس في ذلك الطريق والضحك معهم  بعد ذلك أودعهم ثم شعرت بحرارة  مفاجئة وبثقل في الرأس ونظرت للنافذة وكان آخر مارأت عيني هو غروب الشمس ودعوت الله بأن يرفع غمة هذا الوباء ويرحم المسلمين وكل البشر ورفعت السبابة متشهداً مبتسماً قائلا: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لأني سأقابل رباً كريماً قد اختارني لجواره  وبعدها شعرت بالظلام وأن أحداً يحملني سريعاً في طريق مظلم  إلى مهجعي.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …