خارطة طريق الحياة

نصادف في حياتنا حواجز ومصاعب وظروف تمنع كل إنسان من الوصول للذي يريده، فتكون تلك عوائق تحول بيننا وبين ما نريده وندخل في امتحان صعب وفي فترات انتقالية صعبة وتحتاج إلى وقت حتى نتجاوز ذلك لنصل إلى ما نريد، أو أن الله يبدلنا ويسيرنا لطريق آخر لنحصل على شيء لم يخطر على بالنا وهذا ما يحدث في طريق حياة كل منا وفي حديث قدسي يقول الله عز وجل: «أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله وإن ظن شراً فله»، وقوله عليه الصلاة والسلام «تفاءلوا بالخير تجدوه» فالخير إذا رزقك الله به فهو ابتلاء ليرى ماذا تصنع به والمصيبة إذا أصابتك فهي ابتلاء وكلاهما اختبار لك فإن شكرت وامتننت لله في الخير زادك الله بالخير أضعافاً مضاعفة وإذا احتسبت في المصيبة وصبرت وأيقنت بأن الفرج من الله قادم واعتقدت بأن وراء المحنة والمصيبة منحة وحمدت الله على ما جاء منه رفع مكانتك عنده وعوضك الله بالخيرات في الدنيا والآخرة، إذاً خريطة الطريق في الحياة هي في الامتنان لله مع الأمل والتفاؤل والتأمل في كل الأحوال، لذلك قلبك إذا أوصدت أبوابه باليأس والتشاؤم والكراهية سيؤدي إلى إغلاق أبواب الخير والسعادة والفرح في حياتك، فالامتنان حينما يغمرك في عز فرحك أو حزنك سيخرج من داخلك ليلقي بانعكاساته على فهم الحياة وفهم الذين من حولك من خلال النظرة الإيجابية لأجل نفسك قبل أن تكون للحياة لذلك سيرتد عليك من الله بأضعاف مضاعفة بالطاقات الإيجابية وتشعر بالسعادة لأن أبواب الخير قد فتحها الله لك بالشعور بالامتنان، فأحياناً تشعر بلحظة ضعف وانكسار وتشعر بالحيرة وأن الأمل معدوم ولكن يا صديقي ما هي إلا مسألة وقت وتمتد إليك يد الله بالفرج حيث ترى في حياتك دخول أشياء صغيرة كرسائل لك لتنتشلك إلى الأعلى بعدما كنت في قاع اليأس وتمسح حبات العرق جراء القلق والعناء من على جبينك وتقول في نفسك كيف حدث هذا؟ ويطمئن قلبك بعدما كنت تشعر بالحزن والضيق يأكلان قلبك وعقلك ويأخذان منك كل مأخذ وكنت تشعر بأن روحك مكبلة بالقيود لدرجة الإنهاك عندها تدرك بأنك لست وحدك في هذا الكون وأن دموعك وشكواك لله ملك الملوك لم تذهب سدى وأنه سبحانه لم يخلقك ويخلق غيرك وخلق هذا الكون عبثاً وأدار ظهره، كلما أحسنت الظن بالله وشكرته وامتننت له عما رزقك من النعم تدفق عليك الخير وكلما زاد أملك وتفاؤلك كنت سعيداً بهذه الإشارات التي شعرت بها مؤخراً من حولك بالأمل والتأمل والتفاؤل واليقن بالله وهي أيقونات الامتنان حيث تشعر بأنك تنطلق في مضمار طريق جديد وتكتشف بأن الامتنان يعالج روحك وعقلك وقلبك بعد مشكلات الجروح والخذلان والسقوط ويأخذك إلى طريق الأمان إلى حياة أخرى حياة آمنة وسعيدة ومع مرور الوقت وسيساعدك هذا الشعور في التغلب على الشعور بالأسى والحرمان بدلاً من لوم نفسك والدهر والناس على طيبتها ومشاعرها الإنسانية النبيلة وحبها للآخرين عندما شعرت بأنك في موضع عدم التقدير لذلك لا تندم على تلك المشاعر الإنسانية فأنت لم تخطئ ولكن الخطأ من الأشخاص الذين لم يقدروا ذلك منك ولا تقول بأنهم لا يستحقون هذه المشاعر النبيلة ولكن أنت تستحق بأن تكون راقياً لأن الله يريد منك ذلك، لذلك لا تشعر بالندم على الحب والمشاعر الطيبة الصادقة ولا تندم على وقفاتك الإيجابية معهم وحسن خلقك معهم وثق بأن هذا الامتنان سيقويك ويداوي جراحك ويعوضك الله به بخيرات كثيرة لم تخطر على بالك لذلك تذكر الأشخاص الذين يحبونك لذاتك تذكر الأصدقاء والأخوة وبعض الأقارب والجيران والعابرين ومواقفهم الإيجابية التي صنعتها معهم وصنعوها معك والنجاحات التي حصلت عليها وبعض المصاعب التي تخطيتها لكي تشعر بالامتنان، وتذكر الأشخاص الذين أساؤوا لك بتذكر بعض مواقفهم الإيجابية معك قبل أن يتغيروا وأطرح أفعالهم السيئة عنك وقل عسى خيرا لي إن شاء الله ثم أخرجهم من حياتك وعش بضمير مرتاح لأن الإساءة لم تكن منك، فبذلك تحرر روحك من رغبة الانتقام منهم والحقد والتشفي والكراهية لكي تكون روحك خفيفة لكي تحيا حياة سعيدة وتحيا سليم القلب ولا تحمل أي ضغينة في حياتك وستنام وأنت مرتاح البال ليس في قلبك ذرة من ضغينة، لأن هؤلاء الأشخاص قد ساعدوك من حيث لا يعلموا بأن ترتقي في الدنيا وترتقي في الآخرة عند الله وهذا إيجابي بدلاً من التفكير في الجراح واجترار الماضي وبذلك عرفت قيمك الروحية وكيف إرتقت بذلك لتكون قريباً من الله وستكون أيضاً ممتناً لمن ما زالوا في حياتك ويمنحونك الحب والتقدير والاحترام لعقود ولم يتغيروا عليك، ولكي تعرف قيمة مشاعرك تجاه الآخرين بأنها لم تكن سذاجة أو اعتباطاً أو خطأ ولم تكن بسبب ضعف أو قلة حيلة كما يعتقد ذلك السيئين، ومن ذلك المنطلق سامحهم لأنك عرفت قيمة نفسك وقيمة تربيتك وقيمة والديك اللذين تعبا على تربيتك وعرفت حجم نفسك وبعد هذه المواقف فكر ببعض الأشياء التي تتذمر منها وأنك مشغول بها ستجد بأنك مشغول بما ليس عندك أو فقدته، لذلك عليك الامتنان بما أنعمه الله عليك مثل نعمة العافية والبصر والسمع والعقل والموهبة ولو في الأشياء الصغيرة مثل الاستمتاع بالشكولاته والقهوة والتنزه في مكان جميل أو بحديقة جميلة أو بجلسة على البحر أو الحصول على ورود جميلة أو عطور جميلة أو الجلوس بالقرب من نار مشتعلة تلتمس منها الدفء أو للشواء أو بالاستمتاع بالمطر والملابس الشتوية أو أن تتذكر بأنك ساعدت عدداً من المحتاجين في حياتك بقدر ما تستطيع أو تتذكر أنك قد ساعدت حيواناً أو طيراً كان مصاباً أو عطشاناً أو جائعاً في الطريق أو تزيل الأذى عن الطريق وتذكر أيضاً النجاح في التجارب التي قد مررت بها سابقاً وتركز على هذه الأشياء وتمتن لله لكي يجود عليك بالذي تركز عليه، لأن التشاؤم يجعلك تركز على السلبية وتجلب في طريقك الحواجز والمشكلات وتمنعك من تحقيق مرادك، ولكن يمكنك بالامتنان من تخطي الحواجز لتصل إلى ما تريده بإذن الله.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …