المُكابدُ في الحياة

في الصباح الباكر والجو كان بارداً ،صحن فول الجرة الغارق في السمن والطحينة والبقدونس وبجانبه الفلافل الشهية والخبز التميس والفلفل الأخضر الحار والبصل قد أحضرها النادل للتو لطاولة ذلك الرجل الجالس في آخر المطعم وقد سمعت صوت ترتيل شجي على إذاعة القرآن الكريم مع صوت بعض الزبائن الذين يتحدثون على طاولات الطعام ثم أحضر النادل كوب شاي بالنعناع للرجل الجالس على الطاولة، كان رجلاً من العمال في الخمسينيات من عمره نحيلاً ولكنه قويُ صلبُ وعليه ملابس رثة، وقد لاحظته في المحل لأنني أنتظر طلبي لآخذه للمنزل حيث طلبت فولاً وكبدة وعدساً وفلافل وخبز تميس ولكنه لم يأتِ بعد ولازالوا يجهزون لي الطلب، وكان الرجل قد بدأ عليه الجوع لأنه يأكل بشراهة والعرق يتصبب من على جبينه برغم برودة الشتاء والبخار أحياناً يتصاعد من فمه وبعدما أفرغ صحنه وأكل الفلافل وشرب الشاي وشبع وشعر بالدفء لعق أصابعه وتجشأ وقال الحمدلله ثم مضى يسعى باحثاً عن رزقه مكابداً في الحياة.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …